الأحدث

البريئة و الوحش _32

وصف الرواية :
تأليف : Emy   لم تستطع عفراء النوم بسبب تفكيرها بعملية سلطان و ما ستترتب عليه من آثار سلبية فبقيت ساهرة حتى الصباح  في الساعة السابعة ت... [أكمل القرأة]
عرض فصول الرواية : البريئة و الوحش
تأليف : Emy
 

لم تستطع عفراء النوم بسبب تفكيرها بعملية سلطان و ما ستترتب عليه من آثار سلبية فبقيت ساهرة حتى الصباح 

في الساعة السابعة تجهزت و غادرت غرفتها و رأت جدها ايضاً قد استبدل ملابسه و كان جاهزاً للخروج 
"هل ستذهب الى المشفى؟" 

"انه حفيدي أليس كذلك!" 

ثم غادرا معاً و هما صامتين حتى وصلوا الى المشفى 

عندما وصلت كانوا يحضرون سلطان لغرفة العمليات فلم تستطع ان تراه او تتحدث معه و لكن بمجرد ان رآها و هم يجرون سريره خارج الغرفة حتى نادى عليها و مد يده لها فذهبت اليه و امسكت يده و قالت له مطمئنة 
"ستكون بخير و سأكون هنا عندما تخرج" 

حاول ان يبتسم لها و لكن لم يستطع فدمعت عينه من غير ان يشعر 
"سامحيني يا عفراء" 

بلعت ريقها و حاولت كتم دمعتها 
"سامحتك يا سلطان و الله سامحتك، لا تفكر كثيراً حسناً، فقط سلم امرك لله" 

لم يحتمل اخوته و امه المشهد الذي امامهم فبدؤوا بالبكاء تعاطفاً معهما و خوفاً عليه

مشوا معه الى غرفة العمليات و سلطان فقط ينظر الى عفراء حتى يحفظ وجهها جيداً لانه قد لا يراها مجدداً 

ادخل سلطان الى غرفة العمليات بعدما ودع اسرته التي بقيت في غرفة الانتظار و كل واحد فيه في عالم 

نهضت عفراء من كرسيها و جلست بجانب ام سلطان و وضعت يدها على يد ام سلطان فنظرت لها الاخيرة في حزن 
"هل سيكون بخير يا عفراء؟" 

هزت عفراء رأسها
"لا تقلقي سيكون بخير ان نسبة نجاح العملية عالية جداً" 

"لماذا لم يخبرنا الا قبل عدة ايام؟؟ لماذا؟ كيف تحمل كل ذلك الالم لوحده لمدة 4 اعوام" 
ثم بدأت بالبكاء 

"لم يكن يرغب ان يجعلكم تقلقون عليه كما تفعلون الآن، سلطان رجل قوي و سوف يتجاوز هذه المحنة و سترين" 

"آه يا عفراء، رغم كل ما فعله بك و ما فعلته انا بكِ و لكنكِ هنا قلقة عليه مثلنا، ارجوكِ سامحيني يا عفراء" 

حاولت عفراء كتم دموعها 
"لم اغضب منكِ يوماً حتى اسامحك، انتي ام و اعرف شعور الام التي تخاف و تداري على ابناءها" 

"والله انكِ اصيلة مثل امكِ يا عفراء" 

تفاجأت عفراء 
"هل تعرفين امي؟" 

هزت ام سلطان رأسها
"اعرفها جيداً" 
ثم اخبرتها كل شيء 
"لم اصدق عندما اخبرني سلطان انكِ ابنة سارة و شعرت بتأنيب الضمير عندما تذكرت معاملتي لكِ، اني حقاً اشعر بالخجل من نفسي" 

"لقد نسيت كل شيء لذلك انتي انسي ايضاً" 

كاد ان تقول ام سلطان شيئاً و لكنها نهضت عندما خرج الطبيب من غرفة العمليات و علامات القلق بادية في وجهه فركض الجميع اليه 
فسألت امه بخوف 
"هل ، هل سلطان بخير؟" 

"لقد نزف كثيراً و نحتاج ان متبرع بالدم" 
قال الطبيب فرفع الجميع يدهم يريدون التبرع 

"ان فصيلة دمه O- و نحتاج الى شخص يحمل نفس فصيلة الدم" 
قال الطبيب بقلق فهذه فصيلة نادرة لا يحملها الكثيرون

نظر الجميع الى بعضهم في حيرة فلا احد هنا يحمل هذه الفصيلة

"انا سأتبرع به ان فصيلة دمي O- ايضاً" 

نظر الجميع الى الشخص الذي دخل لتوه الى غرفة الانتظار بغرابة الا ام سلطان التي تعرفه جيداً
"باي حق تاتي؟" 
قالت بغضب 

"بحق انه ابني"

نظر جميع الموجودين اليه و لم يعرف احداً من يكون غير خليفة و عفراء 

"لقد خسرت هذا الحق منذ ان تخليت عنه"
قالت ام سلطان بغضب 

"انا هنا الآن و لا يمكنكِ اجباري على المغادرة، انه ابني مثل ما هو ابنك و سوف اتبرع له بدمي"
ثم نظر الى الطبيب 
"هيا بنا" 

عاد الطبيب الى غرفة العمليات وتبعه بدر (والد سلطان الحقيقي)

حاول خليفة تهدئة ام سلطان التي كانت منفعلة كثيراً من رؤية زوجها السابق بعد كل هذه الاعوام ، الزوج الذي تخلى عنها و عن سلطان عندما كانا في امس الحاجة اليه 

اما حصة و مها و هدى لم يفهموا شيئاً مما يحدث فكل ما يحدث كثيرٌ عليهم ليحتملوه ففضلوا السكوت و عدم التدخل 

مرت عدة ساعات اخرى و نسبة التوتر تزيد بينهم فلا احد استطاع ان يتزحزح من مكانه حتى يخرج سلطان من غرفة العمليات

مرت ساعة اخرى عندما فُتح الباب وخرج الطبيب فنهض الجميع و ذهبوا اليه 

"طمئنا على سلطان ايها الطبيب"
قالت امه 

"الحمدلله نجحت العملية ونقلناه الى غرفة الانعاش ، سيبقى هناك حتى نتأكد انه بخير بعدها سيتم نقله الى جناحه" 

"الحمدلله"  

حضن الجميع بعضهم و هم يشكرون الله 

"ماذا عن نظره؟" 
سألت عفراء بقلق 

"لا يمكننا ان نعلم حتى يستفيق" 
اجابها الطبيب

ذهبوا بعدها الى قسم الانعاش و لم يسمحوا بدخول الا شخص واحد في كل مرة فنظرت ام سلطان الى عفراء 
"انا سأراه اولاً" 

"نعم بالطبع" 
اجابت عفراء

دخلت ام سلطان الى قسم الانعاش ثم ارتدت اللباس المخصص و تم اخذها الى سرير سلطان الذي كان نائماً و جميع الاجهزة موصلة اليه 
اقتربت امه بخوف و لم تستطع منع دمعتها من السقوط كلما تقترب منه ثم امسكت يده و بدأت بالبكاء بشدة 

ما اصعب ان ترى ابنك في حالة ضعف و انت لا تملك غير الدعاء له 

بقيت معه لمدة 5 دقائق فقط و هي تدعو له ان يقوم بالسلامة و ان يكون سليماً و معافا

خرجت بعدما و عانقت بناتها و هي تبكي 

نظرت لها عفراء و قلبها يتقطع عليهم 
كانت ستدخل بعدها و لكن والده بدر سبقها الذي ادمعت عينه ايضاً حالما رآى ابنه بتلك الحالة فبدر لم يتخلى عنه كما اعتقد الجميع بل كان معه في كل خطوة يخطوها ، فقط الذي كان يعلم هو والده عيسى ، جد سلطان 

خرج بعدها بدر ليدخل خليفة ثم جده ثم اخوته ، اما عفراء ففضلت ان تكون اخر واحدة تدخل عليه لتبقى فترة اطول 

كانت متوترة جداً عندما حان وقتها ، فارتدت مثل ما ارتدوه ثم ذهبت اليه 
كان حاله يقطع القلب فامسكت بيده و مسحت عليه 
"الحمدلله على سلامتك يا سلطان" 
ثم ظلت صامتة فقط تمسح على يده و تدعو له 
"انت في امان الرحمن" 
و كانت ستترك يده لتغادر و لكنه امسك بها فاستدارت و نظرت اليه 
"هل استفقت؟" 

لم يستطع التحدث بسبب انبوب التنفس الذي كان في فمه و لكنه فتح عينيه بصعوبة و نظر في الفراغ 

نظرت له عفراء بتوتر و خوف ثم لوحت امام وجهه بيدها 
"هل تراني يا سلطان؟" 

اكتفى سلطان بهز رأسه فركضت عفراء للممرضة لتخبرها التي استدعت الطبيب الذي اتى مسرعاً لرؤيته 

"سلطان هل تراني؟" 

هز سلطان رأسه فاخرج الطبيب ضوءاً صغيراً من جيبه و ركزه على عين سلطان 
"اتبع الضوء اذا تستطيع" 
ثم حرك الطبيب الضوء امام عينيه و تبعه سلطان 

قام الطبيب بفحوصات اخرى لعينيه ثم استدار و نظر الى عفراء التي سألت بخوف 
"هل فقد بصره؟" 

"انه يتبع الضوء و هذا مؤشر جيد انه لم يصب بعمى كلي" 

"هل سيتعلاج؟" 

"لا استطيع ان اقول حتى يبدأ باخذ العلاج" 

نظرت عفراء الى سلطان و امسكت بيده 
"سوف ترى يا سلطان لا تقلق ، لدي ايمان قوي انك سوف ترى" 

كل ما استطاع فعله هو الضغط على يدها 

خرجت عفراء و ذهبت الى حيث كانوا يجلسون 
"لقد استفاق سلطان" 

نظرت لها حصة بغرابة 
"ولكن هناك شيء أليس كذلك؟؟!" 

نظر الجميع الى عفراء بتوتر
"ما به سلطان يا عفراء تحدثي"
قالت امه بتوتر

"انه لا يرى" 
قالت عفراء بهدوء و هي تحاول كتم دمعتها

حالما قالت ذلك حتى انهارت ام سلطان و بدأت بالبكاء فجلس الجميع حولها حتى يواسوها 

"ولكنه لم يفقد بصره، اخبرني الطبيب ان نسبة عودة بصره كبيرة" 
كذبت عليهم في الجزء الاخير حتى لا تثير قلقهم اكثر 

نظرت لها ام سلطان بسعادة 
"حقا؟؟ هل تقولين الصدق؟" 

ابتسمت رغم حزنها
"نعم حقاً" 

شعر الجميع بالراحة من كلامها الا حصة التي اخذتها بعيداً و سألتها 
"لم يقل الطبيب ذلك أليس كذلك؟!"

هزت عفراء رأسها بحزن و هي تحاول كتم دمعتها

شهقت حصة ثم اخذت نفساً 
"ماذا قال الطبيب حقاً؟" 

"قال انه لم يفقد بصره و لكنه لا يستطيع ان يرى شيئا ً غير الضوء و نسبة عودة بصره بالكامل غير واضحة حتى يبدأ العلاج" 

"يا حبيبي يا سلطان، لابد انه منهار الآن، عفراء ارجوكِ لا تتخلي عنه انه في امس الحاجة اليكِ الآن" 
قالت وسط دموعها

"لا تقلقي لن افعل" 
~~~~~~~~~~
نُقل سلطان الى جناحه بعد ساعة فكان الجميع موجودين حتى جده ووالده 

كان سلطان صامتاً و لم يقل شيئاً فصدمة فقدان بصره كبيرة جداً ليحتمله فصرخ عندما لم يعد يحتمل همساتهم حوله 
"غادروا جميعاً لا اريد ان يبقى احد هنا" 

"حتى انا يا سلطان" 
قالت امه وسط دموعها 

"انا قلت جميعكم" 
صرخ مجدداً 

غادر الجميع مثل ما يريد الا عفراء التي وصاها الجميع عليه

اقتربت عفراء منه ووضعت يدها على كتفه ففزع منها و ابعد يدها 
"انا قلت ان يذهب الجميع لماذا لم تذهبي انتي ايضا؟" 

تفاجأت انه عرفها 
"كيف عرفتني؟" 

تجاهل سؤالها
"ارجوكِ غادري انتي ايضاً لا اريد شفقةً من احد" 
قال بغضب 

"لا احد يشفق عليك يا سلطان ارجوك اخرج هذه الفكرة من رأسك" 
صرخت لان ربما هذه الطريقة التي يفهم بها 

تنهد ثم قال بهدوء و هو يدير رأسه للجهة الاخرى
"غادري يا عفراء لا احتاج مساعدة احد" 

ابتسمت 
"اعرف ذلك" 

حرك رأسه و نظر حيث مصدر صوتها 
"اذاً لماذا لا تغادري" 

"لاني لا اريد" 

اراح رأسه على الفراش و اغلق عينيه 
"افعلي ما يحلو لكِ" 

بس نصف ساعة احضرت العاملة طعام العشاء لكلاهما فاخذت عفراء احد الصينيتين ووضعته على الطاولة المخصصة و جرت الطاولة الى السرير

امسكت صحن الشوربة و اقتربت منه
"هيا عليك ان تأكل شيئاً" 

"لا شهية لدي" 

"يجب ان تتناول شيئا ًحتى تستعيد صحتك" 

"ما الفائدة ان استعيد صحتي و انا لا ارى" 
قال بمرارة

اعادت عفراء الصحن الى الطاولة و امسكت بيده 
"سلطان لا تكن هكذ، الطبيب لم يقل انك لن تستعيد بصرك، بل قال ان ذلك يعتمد على مدى تقبل جسدك للعلاج" 

سحب يده و نظر الى حيث تجلس 
"لماذا تهتمين بي يا عفراء؟"

"اهتم بك لانك انسان يحتاج الى رعاية و لاني وعدت اسرتك اني سأهتم بك" 

"انتي كاذبة ،انتي تريدينني ان اشفى بسرعة حتى اطلقك كما وعدتك" 
قال بألم 

نهضت من السرير
"لماذا انت هكذا يا سلطان؟ لماذا تبعد الجميع عنك؟" 

"هكذا علمتني الحياة" 

"هل علمتك الحياة انك اذا بقيت وحيداً فانك ستجنب نفسك الالم؟" 

"و خيبات الامل و خداع الناس لي طوال الوقت"
اكمل بعدها 

تنهدت 
"سلطان انت تحتاج الى علاج نفسي مكثف" 

"نعم انا انسان مجنون لذلك غادري، لا احد يريد البقاء مع شخص مجنون" 

كم تود سحب شعرها الآن، اي شيء تقوله يقلبه ضدها فالتصمت افضل الى جانب انه ليس في حالة نفسية جيدة،، ستجرب غداً مرةً اخرى ربما سيهدأ

مرت نصف ساعة عندما سمعت عفراء صوت معدة سلطان فنهضت و اعادت تسخين الطعام في المايكرويف ثم جلست مجدداً على طرف الفراش 
"انت جائع انا اعرف ذلك" 

بلع سلطان ريقه وظل صامتاً

"سمعت صوت معدتك الجائعة" 
قالت بنبرة مرح ثم رفعت الملعقة الى فمه 
"هيا قبل ان يبرد اعلم انك لا تحب الطعام البارد"

بعد عدة محاولات استسلم اخيراً ثم بدأ بتناول الطعام و لكن لم يأكل كثيراً و ذلك كان كافياً الى الآن 

في صباح اليوم التالي عندما كانت عفراء ما تزال نائمة حاول سلطان النهوض ليذهب الى الحمام فاستيقظت بسبب ارتطام سلطان بكل شيء يمر بجانبه فنهضت مسرعة و حاولت مساعدته ولكنه دفعها بقوة 
"سأذهب بنفسي" 

قلبت عفراء مقلتيها ثم عادت و جلست على الكرسي 

استطاع ان يذهب الى الحمام لوحدة و العودة الى فراشه بعدما كاد ان يسقط عدة مرات 

كم هو عنيد جاداً 
هذا ما كانت تقوله عفراء و هي تنظر اليه 

وضعت الطعام على الطاولة حتى يتناول افطاره ، لم تطعمه لانه لم يسمح لها فقط قربت له الطعام 

بالطبع وجد صعوبة لتناول الطعام فقد اتسخ المكان بأكمله لانه اوقع كل شي تقريباً 

كانت تعلم انه غاضب جداً و لم تعرف كيف تتصرف معه فاستغلت الفرصة عندما اتوا اسرته لزيارته و ذهبت لرؤية الطبيب وطلبت منه المساعدة في التعامل مع حالة سلطان
اعطاها الطبيب عدة نصائح و ستجربها عليه و اهمها ان لا تشعره بالعجز فسلطان رجل معتد وفخور بنفسه و عدم مقدرته على الرؤية تلزمه ان يستعين بالاخرين وهذا شيء لم يفعله طوال حياته لذلك يحتاج الى الوقت حتى يتأقلم مع وضعه الجديد

بقي في المشفى لعشرة ايام و خلالها كان يقوم بتمارين رياضية الزامية حتى يستعيد صحته بعد عملية في الدماغ 

"ستبقى معي حتى تستعيد عافيتك و بالطبع عفراء ستبقى ايضاً"
قالت امه في اليوم الذي سيغادر فيه المشفى 

ولكنه صدم الجميع عندما قال انه سيبقى في بيت جده ، بالطبع حاولت امه معه و لكنه لم يستجب لها 
~~~~~~~~~
اختار سلطان ان يبقى معها في غرفتها ، ألم تقل انها سوف تعتني به حتى يشفى تماماً ، اذاً عليها تحمّل نتيجة اقوالها

بدأ سلطان تقبّل وضعه خاصةً عندما عاد جزء من بصره و لم يخبر احداً بذلك لانه لم يكن يريد ان يعطيهم املاً كاذباً و لسبب آخر

في اول ليلة لهما معاً، اختارت عفراء ان تنام على الكنب و لم يتفاجأ سلطان بذلك فما الفائدة من تقربهما من بعضهما اذا كان سيتطلقان بعد فترة قصيرة

بعد عدة ساعات كان يعلم انها ما تزال مستيقظة فنادى عليها
"عفراء" 

نهضت عفراء من الكرسي و ذهبت اليه 
"هل تحتاج الى شيء؟" 

"اقتربي اكثر" 
قال و هو يمد يده

حالما وضعت يدها في يده حتى قام بسحبها فوقعت عليه ثم ضمها اليه و هو مستلقي على ظهره

حاولت عفراء التحرر منه 
"اتركني يا سلطان ماهذه الحركات الصبيانية" 

"اشششش توقفي عن الكلام اريد النوم" 

"سلطان" 
قالت برجاء كمحاولة يائسة ان يتركها و لكنه لم يفعل فاستسلمت و لكنها بقيت متشنجة و شعر بها سلطان

"عفراء، استرخي" 

بقيت صامتة لفترة ثم سألت
"سلطان لماذا تفعل ذلك؟" 

"ماذا؟" 

"لماذا تحب مضايقتي؟" 

"هل يضايقكِ ان تبقي في حضني؟" 

في الحقيقة لا، لا يضايقها و حتى هي ذاتها استغربت من ذلك

"سكوتكِ خير دليل لذلك اغلقي عينيك و كفي عن الثرثرة، اريد ان انام" 

'هذه كانت اول ليلة فماذا سيحدث في الليالي المقبلة' 

هذا ما كانت تفكر به عفراء قبل ان تغرق في النوم فهي لم تنم جيداً لعدة ايام
~~~~~~~~~~~~~~~~~

لم يقم سلطان بفعل كهذا مجدداً بل كان هادئاً بغير عادته حتى عفراء استغربت هدوءه

كان يقضي وقته اما بالاستماع الى قراءة عفراء لكتاب حتى اصبح يدمن سماع صوتها او في المسبح مع مدرب خاص لانه يحتاج الى التمارين الرياضية كما اوصى الطبيب او بالجلوس مع جده الذي كان يحكي له قصص الاولين 

الشخص الوحيد الذي كان يشعر بوجوده و لكن لم يسمع صوته هو والده بدر، كان يعلم انه يأتي دائماً لزيارته و كانت صدمته كبيرة عندما علم انه تبرع له بالدم عندما احتاج اليه وقت العملية 

امه و اخوته ووالده خليفة كانوا ايضاً يأتون لزيارته بشكل دوري و كانت حصة تزعجه بثرثراتها التي لا تنتهي ولكن التي يشتاق لها دائماً

بعد مدة من بقاءه في منزل جده اصبح يلتمس طريقه جيداً حول المنزل و حتى طعامه اصبح يتناوله بنفسه و لكن بالطبع يحتاج احيانا الى المساعدة فتساعده عفراء في كل شيء اخر كالاستحمام و ارتداء الملابس و في مواعيد المشفى. 

كان بصر سلطان يعود تدريجياً و لم يخبر احداً بذلك حتى في زياراته للمشفى كان الطبيب يشعر بالغرابة لان عضوياً لم يكن سلطان يعاني من شيء فلماذا لم يعد بصره بعد!!

استطاع ان يخفي الأمر عن الجميع 

ذات يوم عندما كانت عفراء تقرأ له كتاباً كان ينظر لها و هو ضائع في افكاره فلم يسمع اي شيء كانت تقوله حتى قال من غير وعي 
"جميلة" 

عقدت عفراء حاجبيها و نظرت له 
"ما هو الجميل؟" 

عاد الى وضعه حتى لا تكتشف انه اصبح قادراً على الرؤية و لو بشكل طفيف 
"صوتكِ جميل، احب الاستماع اليه" 

شعرت بالحرج و كانت ستنهض و شعر بها 
"اكملي ارجوكِ" 

نظرت له لعدة ثواني ثم اكملت القراءة 

مرت عدة ايام اخرى على نفس الروتين و لكن ذات اليوم كان شيئاً مختلفاً عندما عاد بصره بالكامل. كانت سعادته لا تسع الكرة الارضية و لكن كان عليه اخفاء الأمر لان شفاءه التام يعني افتراقه عن عفراء و هذا الشيء لا يريده فاكمل تمثيليته انه فاقد للبصر. 

السلبية الوحيدة لهذه التمثيلية انه يستطيع ان ينظر الى عفراء في كل حالاتها بالاخص وقت النوم لانه لحظ انها تحب ارتداء قمصان النوم القصيرة او الشورتات او وقت الخروج من الحمام و هي لا ترتدي غير فوطة صغيرة حول جسدها الجميل 
فكر انها اذا علمت انه يستطيع الرؤية ستغضب كثيراً و سيتدمر كل ما حاول بناءه و الحل الوحيد ان يغض البصر ، شيء سيعمل جاهداً على فعله

بالطبع ذلك لم يساعده ابداً ففي المساء استبدلت ملابسها و ارتدت قميص نوم يظهر اكثر مما يخفي فحاول ان يغض بصره و لكن لم يستطع فظل ينظر اليها و الى ساقيها الطويلتان و هي تتحرك براحة هنا و هناك. 
اخذ نفساً ثم استلقى على الفراش و رفع الغطاء الى وجهه ، عليه ان يريح نفسه من هذا العذاب.

شعرت عفراء بالغرابة عندما وجدته بهده الحالة فذهبت اليه و انحنت عليه ثم رفعت الغطاء عن وجهه بشكل مفاجيء فهو لم يشعر بها تقترب منه

التقت اعينهما بسبب هذه الحركة فظلا ينظران الى بعضهما لوهلة الى ان قالت عفراء بعفوية
"نظراتك تبدو كما لو انك تستطيع الرؤية" 

توتر من كلامها ثم ادار رأسه و غطى نفسه مجدداً 

هذه كانت احدى المواقف الكثيرة التي ستصيبه بالجنون ، عليه ان يخبرهم انه يستطيع الرؤية قبل ان ينكشف و ينتهي كل شيء و لكن ذلك معناه انه سيفترق عن عفراء وهو صعب جداً لانه اصبح يعشقها اكثر من السابق و اكتشفها اكثر عن قرب.
اصبح يعرف ماذا تحب و ماذا تكره، اصبح يعرف لونها المفضل، اصبح يعرف طعامها المفضل ، احلامها و آمالها. حتى التفاصيل الصغيرة اصبح يعرفها كمثلاً عندما تضع تركيزها كله على شيء فهي تعض ظفر اصبعها الابهام و امر اخر يراه لطيفاً جداً وهو عندما تلاعب سيف، تقوم بحركات بوجهها او تخرج اصواتاً غريبة مضحكة. 

انه حقاً لا يريد ان يفقد هذا كله ، انه يريد ان يعيش معها كأي زوجين و ينجبوا الاولاد، فتاتان و ثلاثة صبيان.
~~~~~~~~~
في احدى الامسيات طلب سلطان من عفراء ان يجلسا في الحديقة بجانب المسبح ففعلت

"عفراء" 

ادارت رأسها و نظرت اليه 
"نعم" 

"منذ متى و انا هنا؟" 

"منذ شهر تقريباً، لماذا تسأل؟" 

"هل هي مدة كافية حتى تعدلي عن الطلاق؟" 

"سلطان انت تعرف رأيي في هذا الامر فلماذا تعيد و تكرر؟" 

"عفراء، اغلقي عينيك وعقلك و فكري فقط بقلبك، هل حقاً تريدين الافتراق عني" 

لم تفعل ما طلب لانه يستطيع ان يرى من طرف عينه انها تحدق به

كان هناك صمت غريب الى ان قال 
"عفراء هل مازلتي هنا؟" 

"انا هنا" 

"انتظر اجابتكِ" 

"ماذا تريدني ان اقول؟" 

"بالطبع لا اريدكِ ان تقولي انك تحبينني و لكن عالاقل ان تقولي لا او سوف نحاول ان تنجح علاقتنا او اي شيء من هذا القبيل" 

"هل تريدني ان اكذب على نفسي ام عليك؟؟! سلطان اخبرتك ان طريق مستقبلنا مسدود لا شيء سيصلح ما تدمر" 

"ألم تقولي انكِ سامحتني!!" 

"اسامحك شيء و ان اعيش معك كزوجتك شيء اخر" 

"ألسنا نعيش الآن كزوجين؟" 

"الوضع مختلف"

"كيف مختلف؟"

"انت مريض الآن" 

"هل سيتغير شيء اذا لم اكن مريضاً؟" 
قاطعها بحدة 

اخذت نفساً ثم قالت 
"لن اتناقش معك" 
ثم نهضت 

"هل ستتركيني هنا لوحدي؟" 
قال و هو ينهض

"اصبحت تعرف طريقك جيداً الآن و لا تحتاج الى مساعدة" 

فكر
'هكذا اذاً؟؟!' 

ثم ابتسم بمكر ومشى على اطراف المسبح و زلت قدمه فصرخت عفراء بخوف بطريقة لا ارادية
"سلطان ستقع" 
ثم امسكته من يده لتبعده عن حافة المسبح و لكن ذلك لم يجدي نفعا ً فكلاهما سقط في المسبح 

لحسن الحظ ان سلطان يعرف السباحة و بالاضافة ان الماء لم يكن عميقاً كثيراً 

اما وضع عفراء كان مختلفاً فهي لا تعرف السباحة لذلك كانت ملتصقةً بسلطان بشدة و يديها حول عنقه

"انتي لا تعرفين السباحة؟؟!" 
قال بنبرة مرحة 

"لم احتاج ان اتعلمه يوماً" 
قالت مدافعة عن نفسها و هي ترتجف خوفاً و من ذلك لم تنتبه ان سلطان كان ينظر اليها 

توقف عن الحركة بشكل مفاجيء و غاص اسفل الماء فتخبطت عفراء في مكانها تحاول الخروج و لكنه كان ممسكاً بها بقوة حتى لا تغرق

عاد مجدداً الى الآعلى فشهقت عفراء حتى تأخذ نفساً ثم قالت بغضب 
"هل تريد اغراقي ام ماذا؟ للتو قلت لك اني لا استطيع السباحة؟" 

"هذا ما اشعر به كلما فكرت اني سأفترق عنك، اشعر اني اختنق كما يشعر الغريق"

ظلا ينظران الى بعضهما في صمت و بسبب الظلام فهي لم تستطع رؤية ملامح وجهه جيداً لذلك لم تعلم اذا كان ينظر اليها او ينظر الى مكان آخر 

"انتي تحتاجين ان تتشبثي بي حتى لا تغرقي و انا احتاج الى عينيك حتى اجد طريقي في الظلام، كلانا يكمل الآخر" 

بالطبع ادعى انه لا يرى و استمع الى توجهيات عفراء حتى يخرجا من المسبح 
خرجت هي اول ثم تبعها سلطان و عادا الى الداخل و ذهبا الى غرفتهما 

"استحم انت اولاً ، انا سأذهب الى الحمام الآخر"
ثم اخذت اشياءها الشخصية و غادرت الغرفة 

>>>>
عادت بعد مدة بعدما انهى كلاهما حمامهما ثم جهزت نفسها للنوم و استلقت على الكنبة 
"تصبح على خير" 

نظر لها من مكانه و علم انها تتهرب منه فتركها براحتها حتى تفكر
"و انتي من اهل الخير" 

و بالطبع كان تفكيره سليماً فهي لم تستطع النوم، فقط تفكر بكلامه ، ليس فقط تفكر بل تأثرت ايضاً 

بقيت هكذا لمدة نصف ساعة تقريباً ثم نهضت فجأة و ذهبت الى السرير و نظرت الى سلطان وهو نائم و ظلت تفكر ؛ لماذا لا تمنحه فرصة؟ بل لماذا لا تمنح نفسها فرصة؟ فكل ما قاله صحيح فهي خائفة، خائفة ان تحبه و يجرحها مجدداً او اسوء، ان يتخلى عنها او يرحل. 
يكفيها من رحل من حياتها، ربما تموت هذه المرة اذا رحل عنها شخص تحبه او تهتم بأمره 

انحنت و ابعدت الغطاء من طرف السرير ثم استلقت و اقتربت من سلطان و بحركة جريئة رفعت يده و عانقته 

شعر بها فشد عناقه لها و هو يتمنى ان هذا ليس حلماً 

تأكد انه لم يكن يحلم عندما همست 
"سلطان عدني" 

"اعدك بكل شيء" 
همس بصوت ناعس من غير ان يفتح عينيه 

"لا اريد كل شيء فقط شيئاً واحداً" 

"ماذا يا غاليتي؟!" 

"انك لن ترحل و تتركني" 

شد من عناقه اكثر و قبّل رأسها
"لن افعل ما دمت حياً" 



الفصل الأخير












تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-