اقتربت اكثر من مكتبه لتصعق و هي تراه ممدداً على الارض اسفل طاولته فهرعت اليه و هي تصيح باسمه ثم نزلت اليه و حاولت ايقاظه و لكنه لم يستجب لها فاخرجت هاتفها و اتصلت على الاسعاف الذي اتوا في وقت قياسي و اخذوه الى المشفى
حالما رآه طبيب الطواريء حتى عرف من يكون فعاينه ثم نظر الى عفراء
"هل انتي زوجته؟؟!"
هزت عفراء راسها
"نعم"
ثم قالت بتوتر
"ما به يا دكتور؟؟"
نقل الطبيب نظره بين سلطان و عفراء ثم قال
"هو لم يخبركِ مما يعاني منه أليس كذلك!!"
عقدت عفراء حاجبيها ثم بلعت ريقها و قالت بقلق
"ماذا تعني؟ هل سلطان يعاني من شيء؟!"
هز الطبيب رأسه ثم سحب كرسيا حتى تجلس عليه عفراء
"اجلسي اولاً"
ثم قال بعدما جلست
"ان زوجك يعاني من ورم في الدماغ"
شهقت عفراء ووضعت يدها على فمها حتى تمنع الصرخة ان تخرج
"انه ورم حميد و لكنه يضغط على العصب البصري بشكل كبير قد يؤدي ذلك الى العمى اذا لم يتم استئصاله"
حاولت عفراء ان تستوعب ما يقوله الطبيب فسالت و هي ما تزال تشعر بالصدمة
"منذ؟ منذ متى و هو يعاني منه؟"
"منذ 4 اعوام تقريباً"
شهقت مجدداً و دمعت عينيها من غير ان تشعر
"كان يعاني من المرض منذ 4 اعوام و لم يقل شيئاً؟؟!!"
ثم تذكرت نبوات الصداع التي كانت تأتيه و تلك المرة عندما فقد الوعي في الحمام ،، ولكن لماذا؟؟؟ لماذا اخفى المرض عن الجميع؟؟!
"اخبرته ان يقوم باجراء العملية قبل ان تسوء حالته و لكنه لم يستمع الي"
مسحت دموعها ثم استفسرت اكثر عن مرضه و اخبرها الطبيب بكل شيء
غادر الطبيب بعدما شرح لها حالة سلطان و اما هي فبقيت معه حتى استفاق بعد حوالي النصف ساعة
فتح عينيه ببطء ثم رفع رأسه و نظر حوله و شعر بالصدمة عندما رآى عفراء امامه فاعتقد انه يهلوس فتنهد بتعب و قال و هو يحادث نفسه
"كان بالمفترض ان يخبرني الطبيب ان هذا المرض يسبب الهلوسات"
ثم اغلق عينيه و اسند رأسه مجدداً على الوسادة
"انا لست خيالاً يا سلطان ، انا هنا"
قالت بعاطفة
فتح عينيه و نظر لها في صدمة مجدداً
"عفراء !!! هل انتي حقاً هنا؟"
بلعت عفراء ريقها ثم اقتربت منه اكثر ووضعت يدها على يده
"سلطان لماذا لم تخبرني عن مرضك؟!"
ابتسم بتعب ثم سحب يده منها و قال بعدما تنهد
"اذاً اخبركِ الطبيب عن مرضي"
"كان عليه ان يخبرني بصفتي زوجتك"
ابتسم بسخرية و قال وهو يخفي ألمه
"هل اخبرته انك زوجتي على الورق فقط؟"
ثم قال بعدما ادرك شيئاً
"ماذا تفعلين هنا بالاساس؟ ومن اخبركِ اني في المشفى؟ و كيف اتيت الى هنا؟"
"اجابةً على كل تلك الاسئلة هي انا، انا ذهبت لرؤيتك ووجدتك فاقداً للوعي فاتصلت على الاسعاف و اتيت معهم الى المشفى"
نظر لها بنظرات حادة
"لماذا؟؟"
"لانك تحتاج الى المساعدة"
قالت ببساطة
ابتسم بسخرية
"احتاج الى المساعدة ام تشفقين علي؟"
نظرت لعدة ثواني ثم سألت
"اذا حدث معي نفس الشيء الن تقوم بمساعدتي"
"تعنين ان اي احد اخر لو حدث معه ما حدث معي لفعلتي نفس الشيء"
"بالضبط"
شعر بالاحباط كان يتمنى لو قالت انها تهتم لأمره
"لماذا اتيتي لرؤيتي في العمل؟"
هزت رأسها
"لم يعد ذلك مهماً المهم الآن ان تستعيد عافيتك و تجري العملية"
بلع ريقه و اشاح بنظره
"لا اريد"
"من ماذا انت خائف؟"
نظر لها و قال في داخله
'ان اموت او يحدث لي شيء قبل ان تسامحيني'
اردفت عندما بقي صامتاً
"لقد اخبرني الطبيب بكل شيء عن مرضك، نسبة شفاءك عالية"
"اخبرتكِ لا اريد و انتهى"
قال بغضب
"سلطان، هل تذكر ما قلته لي قبل ان نقوم باجراء عملية لسيف، اني اقول لك نفس الكلام، سوف تشفى باذن الله و ستعود صحتك افضل من قبل"
قالت باصرار
"عفراء ارجوكِ اغلقي الموضوع لا اريد التحدث فيه"
"نعم تهرّب من هذا كما تهرّبت من كل شيء اخر في حياتك، دعني اقول لك شيئاً كنت اقوله لنفسي دائماً 'الهروب ليس حلاً'،، عليك المواجهة حتى تتغلب على مخاوفك و على ما يضايقك، اذا كنت ستهرب حتى تجنّب نفسك الألم فانك ستظل تهرب طوال حياتك"
"ماذا تريدين مني يا عفراء؟ لماذا لا تلتفتي الى حياتك كما فعلتي طوال الاسابيع الماضية و تتركيني و شأني"
نظرت له ثم اخذت نفساً
"اريدك ان تشفى، فهناك اناس كثيرون يحبونك وسيحزنون اذا حدث لك شيء"
"ولكن انتي لستي منهم فلماذا لا تتركيني و شأني!!"
قال بنبرة باردة
"انا اسفة لن افعل"
قالت بعناد
"لماذا انتي عنيدة هكذا؟؟!"
"لان دماء الحامد تجري في عروقي مثلك تماماً"
ثم اردفت
"ستاتي معي الى منزل جدنا و ستبقى فيه حتى تقوم باجراء العملية، شئت ام ابيت"
لو كانت هكذا لانها تحبه او تهتم لامره لقام باجراء العملية الآن و لكن هي تهتم به فقط لانه شخص مريض او ربما لانه ابن خالها
فقال باستسلام اخيراً
"افعلي ما يحلو لك"
اخذته عفراء الى منزل جدهم بعدما سمح له الطبيب بالمغادرة
قال و هم في الطريق
"اني افعل ذلك فقط حتى تتوقفي عن ازعاجي"
نظرت له من طرف عينيها
"اياً كان ما تقوله"
نظر اليها ثم ابتسم من ركن فمه ، كم يتمنى لو كانت علاقتهم دائماً هكذا و تذكر بيت شعر قرأه ذات يوم 'يحمِلني الحنين اليكِ طِفلا وقدْ سلب الزَمان الصَبر مِني والقى فوق صدركِ امنياتي وقدْ شقي الفؤاد مع التَمني' (من اشعار فاروق جويدة)
وصلا الى منزل جدها الذي كان متفاجئاً جداً من رؤيته و لكن بالطبع كان ردة فعل سلطان باردة و غير مبالية
"هل تصالحتما؟"
هزت عفراء رأسها
"لا"
"اذاً ماذا هناك؟"
نظرت عفراء الى سلطان بنظرة بمعنى يجب ان نخبره فاعطاها سلطان نظرة بمعنى لم يعد يهمني
"هناك شيء نريد ان نخبرك به"
"ربما هو يعلم فلا شيء يخفى عليه"
قال سلطان ببرود
"لا اظن ذلك"
ردت عفراء
"ماذا هناك؟"
سأل جدهما مجدداً
"ان سلطان مصاب بورم في الدماغ"
قالت عفراء من غير مقدمات
صعق جدهما من الخبر
"ورم في الدماغ؟؟"
نظر له سلطان بنظرات حادة
"هل ستقنعني انك لم تكن تعلم؟"
"انه الشيء الوحيد الذي استطعت ان تخفيه عني، كنت اشك انك تعاني من شيء و لكن لم اكن اعلم انه ورم"
قال و هو ما زال يشعر بالصدمة ثم قال بعدما شرحت له عفراء كل شيء
"اتعنين ان الاطباء لا يعلمون اذا سيفقد بصره ام لا و اذا فقده لا يعلمون اذا كان سيعود له بصره؟؟!"
هزت عفراء رأسها
"للاسف نعم"
فكر جده قليلاً ثم قال
"سنسافر لافضل مشفى في العالم لعلاج هذا النوع من الحالات"
نهض سلطان فجأة و قال بغضب
"انا لن اسافر الى اي مكان ، انا حتى لم اوافق بعد لاجراء العملية"
"ستقوم باجراء العملية، انا اسف و لكن هذا الشيء بالذات لا خيار لديك"
قال جده بعناد
"لا تدعي انك تهتم لامري ، انت فقط تريد ان يستمر اسم عائلتك"
صرخ بألم
نهض جده و صرخ بغضب
"و اللعنة باسم عائلتي،، انا لم اهتم يوماً به بل ما كان يهمني هو عائلتي نفسهم الذين خسرتهم واحداً تلو الاخر فلا اريد ان اخسرك انت ايضاً و لكنك عنيد جداً لترى هذا و فضلت ان تتهمني دائما بهذا الاتهام حتى يرتاح ضميرك و تركتك تفعل ذلك حتى ينطفيء النار الذي يشتعل في صدرك"
نظر له سلطان بغضب
"لم افعل شيئاً حتى يؤنبني ضميري ، عكسك تماماً"
"آه حقاً؟؟"
قال جده بسخرية ثم امسك بعفراء من ذراعها و سحبها امامه
"و ما فعلته بعفراء، ألم يأنبك ضميرك بعد؟؟"
نظر سلطان الى عفراء في ألم ثم استدار ليغادر
اما عفراء فقد سحبت ذراعها من جدها بقوة و قالت بغضب
"لماذا تضعني دائماً بينك و بين سلطان؟؟ حلا مشاكلكما وحدكما و لا تدخلانني في كل شيء"
ثم ركضت خلف سلطان الذي غادر المنزل
"سلطان ارجوك توقف"
توقف سلطان ثم استدار
"عفراء ارجوكِ اتركيني و شأني"
"لا"
قالت بعناد
نظر لها بنظرات غريبة ثم سأل في هدوء غريب
"لماذا؟ لماذا لا تريدين ان تتركيني و شأني؟"
"لاني اريدك ان تشفى"
اقترب منها اكثر
"لماذا؟ لماذا تريدينني ان اشفى، اذا كنا سنتطلق في النهاية فلماذا يهمكِ امري فأنا لن انفعكِ في شيء"
صمت قليلاً ثم قال
"فكري فيها قليلاً ، اذا مت و انتي مازلتي زوجتي فانكِ ستكوني وريثتي و ستحصلين على جميع املاكي و بالاضافة الى__"
صفعته بقوة على وجنته قبل ان يكمل كلامه ثم قالت بغضب وسط دموعها
"هل كلمة موت سهلة عندك لهذه الدرجة؟؟ اذا لم تعش الفقدان فلا تتحدث عن الموت ، انا فقدت خمسة من افراد اسرتي، امي و ابي و اخي و اختي و جدتي"
ادرك خطأه واقترب منها
"عفراء لم اقصد ذلك"
ابتعدت عنه ثم صرخت بألم
"اذا كنت تريد الرحيل فارحل، الطريق امامك و لكن تذكر الاشخاص الذين ستتركهم خلفك"
ثم ركضت الى الداخل وذهبت مباشراً الى غرفتها اما سلطان فقد ظلّ واقفاً مكانه و هو يتذكر كل كلمة قالتها ثم غادر بعدها
~~~~~~~~~~~~~~~
كان الوقت يشير الى التاسعة مساءاً عندما سمعت طرقاً على الباب و توقعت انها ماريا تحمل صينية طعام العشاء لانها لم تتناول عشاءها فنهضت و فتحت الباب
نظرت الى من كان واقفاً امامها مطولاً الى ان نطقت اخيراً
"سلطان؟؟"
"هل يمكننا التحدث قليلاً؟"
عضت على شفاهها ثم فتحت الباب بشكل اوسع حتى تسمح له بالدخول
قال عندما اصبح في الداخل
"فكرت بكل شيء قلتيه و انتي على حق، فانا اهرب لاجنب نفسي الألم و انسى ان هناك اناس يتألمون اكثر مني من اجلي او بسببي"
نظرت له بتمعن ثم قالت
"ليس هذا ما جئت لتقوله"
هز رأسه ثم قال بجدية
"لا، اتيت لاقول لكِ اني سأجري العملية و لكن لدي شرط"
"هل يجب ان يكون هناك شرط دائما؟؟!، الا تستطيع ان تفعل شيئاً من غير مقابل؟؟!، هل كل شيء لديك بثمن__"
لم تستطع اكمال جملتها لانه وضع يده على فمها
"هل يمكنكِ ان تصمتي قليلاً حتى تستطيعين سماعي؟؟"
ابعدت يده عن فمها
"حسناً اكمل ما هو شرطك؟"
نظر الى عينيها العسليتان اللتان طالما اسرتهما
"ان تسامحيني و تعتقيني من ذنبي"
ظلا ينظران الى بعضهما لبرهة في صمت ، كل واحد فيهما غارق في عينيّ الشخص الاخر
(الحوار حديث النفس)
'آه يا عفراء اريحيني من هذا العذاب'
'كيف تريدني ان اسامحك؟'
'ارحمي قلبي'
'وهل انت رحمت ضعفي و قلة حيلتي؟'
'افديك بكل ما املك فقط اعتقيني من ألمي"
'وألمي من يداويه؟!'
قطع عليهم صوت طرقٍ على الباب فابتعدت عفراء من امامه
"تفضل"
دخلت ماريا ووراءها جوسلين تحمل صينية طعام و تفاجأت عندما رأت سلطان
"اوه سيد سلطان، لو كنت اعلم انك هنا ايضاً كنت احضرت لك طعاماً ايضاً"
"لا داعي لذلك انا راحل اساساً"
ثم غادر الغرفة من غير ان يلتفت خلفه
كانت عفراء تنظر جهة الباب بعدما غادر سلطان و بقيت هكذا لبرهة حتى تحدث ماريا و اخرجتها من شرودها
"من الجميل رؤية الحب يرفرف مجدداً في هذا المنزل"
احمر وجه عفراء فقالت بتوتر
"لا شيء يرفرف هنا، اكل القط كل عصافير الحب"
"لا نملك قططاً"
قالت ماريا بمكر
~~~~~~~~~~~~~~
ظلت عفراء تفكر بشرط سلطان طوال الليل،
و تساءلت لماذا كان عليه ان يشترط هذا الشرط بالذات ؟!!! لماذا يستفزها عاطفياً هكذا؟؟؟!!! فهي حقاً تريده ان يتعالج و لكنها لا تستطيع ان تفعل ما شرطه عليها!!
فكرت مطولاً حتى وجدت حلاً و في الصباح ستذهب لرؤيته
~~~~~~~~~~~~~~~~~
في الصباح ذهبت مباشراً الى شقته فاليوم هو الجمعة و هو لا يعمل ايام الجمعة فلابد انه في الشقة
كانت تشعر بالتوتر و هي تقف امام باب شقته و تذكرت ايامها هنا و المواقف التي حصلت معه و مع امه ثم رنت الجرس
مرت عدة ثواني قبل ان يفتح سلطان الباب الذي تفاجأ من رؤيتها بل هي من تفاجأت اكثر لانه لم يكن يرتدي غير شورت باللون الاسود فاشاحت بنظرها و هي منحرجة
نظر لها بغرابة ثم انتبه الى نفسه و عاد الى غرفته ثم عاد مجدداً الى الصالون حيث عفراء كانت تنتظره
"ما الذي اتى بكِ في هذا الصباح الباكر؟"
"في الحقيقة انا لم انم"
عقد حاجبيه
"لماذا؟"
"كنت افكر بشرطك"
عقد ذراعيه امام صدره
"و ماهو جوابك"
"سلطان، اريدك ان تعلم اني احتجت لوقت طويل حتى اتجاوز عاطفياً و نفسياً ما مررت به لذلك شرطك ان اسامحك صعب جداً علي حتى انفذه"
شعر بالاحباط وفرد ذراعيه ثم تنهد
"لماذا اتيتي اذاً؟؟!"
قال ببرود حتى يخفي ألمه
"سلطان ارجوك افهمني"
نظر لها ببرود ثم جلس على الكنبة
"اذا كان هذا ما جئتي من اجله فرسالتكِ وصلت، ارجوكِ غادري"
جلست بجانبه و قالت بجدية و هدوء
"ليس هذا ما جئت من اجله"
اغلق عينيه و تنهد ثم ادار رأسه و نظر لها و قال ببرود
"لماذا جئتي اذاً؟؟!!"
"انا قلت صعب علي ان اسامحك و لكن لم اقل اني لن اسامحك"
عاد الأمل الى قلبه ولكنه حاول ان يبدو طبيعياً
"اذاً؟!"
"سأسامحك و ستقوم باجراء العملية و بعد ان تشفى ستطلقني، هذا هو شرطي"
شعر بالاحباط مرة اخرى،، انها حقاً تعرف كيف تضربه في الوتر الحساس،
ابتسم بسخرية في داخله
'علمته الرماية فلما اشتد ساعده رماني'
اصبحت تقسى عليه كما كان يفعل معها
"هذا الحل برأيك!!"
"هذا شرطي، سابقى معك حتى تشفى ثم سنفترق"
"لا تبقي معي بداعي الشفقة"
قال بألم
"انا لا اشفق عليك يا سلطان، انا فقط اريد ان اراك بصحة و عافية من أجلك ومن اجل اسرتك"
نظر لها مطولاً ثم سأل بشكل مفاجيء
"عفراء ماهو شعوركِ باتجاهي"
تفاجأت من سؤاله
"ماذا تعني؟"
"اظن ان السؤال كان واضحاً، هل تكرهينني؟ ام انكِ لا تشعري باي شيء باتجاهي، اريد جواباً صريحاً"
بقيت صامتة لفترة فهي وحدها لا تعلم ، تاراً تكرهه و تاراً تشفق عليه و تاراً تتألم عندما تراه يتألم ،، ماذا يمكن ان تكون مشاعرها باتجاهه؟؟!!
"انا لا اكرهك يا سلطان بل اكره ما فعلته بي"
شعر بالأمل
"اذاً لماذا تريدين الطلاق، لماذا لا نعطي انفسنا فرصة ، قد تنجح علاقتنا ما___؟"
"سلطان تحدثنا في هذا الامر فلا اريد ان اكرر كلامي"
قاطعته و هي تنهض
نهض هو الآخر و قال بانفعال
"عفراء، لماذا انتي خائفة؟"
عقدت حاجبيها
"انا لست خائفة"
"بل انتي خائفة"
قال باصرار
"لستي خائفة فحسب بل ترتعبين خوفاً لانك تعلمين ان علاقتنا ستنجح، انتي خائفة ان تفتحي قلبك لي، انتي خائفة اني سأجرحك مجدداً لذلك لا تريدين اعطاءنا فرصة"
"ذلك غير صحيح"
اقترب منها اكثر حتى اصبح ما يفصل بينهما فقط بضع انشات
"و اكثر ما يخيفك هو ان تحبيني"
همس بهدوء
لم تستطع ان تنظر اكثر في عينيه فنظرت للاسفل فوضع يده على ذقنها و رفع وجهها حتى تنظر اليه
كانت نبضات قلبها تتسارع مع كل همسة ، مع كل نظرة ، مع كل لمسة
"سلطان ارجوك توقف"
همست بتعب و هي تنظر في عينيه
اقترب اكثر و همس امام شفاهها
"اتوقف عن ماذا؟"
نظرت الى عينيه ، نعم يتوقف عن ماذا؟؟ لم تعرف حقاً ماذا تقول فقالت عوضاً عن ذلك
"اخبرتك الا تتعلق بي لاني سأرحل"
"وانا اخبرتكِ اني لن اسمح لكِ بالرحيل"
ظلا ينظران الى بعضهما لبرهة ثم امسك بيدها ووضعه على صدره و يده فوق يدها
"قلتي لي مرة وانتي تضعين يدكِ على قلبي اني لا احبك"
نظرت له في صمت فاردف
"ماذا يقول لكِ قلبي الآن؟؟!"
نقلت نظرها من عينيه الى صدره حيث راحة يدها و شعرت بتسارع نبضات قلبه ، هل حقا سلطان يحبها؟؟! لا لا مستحيل ، مستحيل ان تصدق ذلك مستحيل
"احبك"
قالها ببساطة
رفعت عينيها و نظرت الى عينيه ، انه لا يتسلى بها! انه يقول الحقيقة ، نظراته صادقة
"احبك"
كرر
ظلت صامتة و هي تنظر اليه ثم سحبت يدها منه و اخذت حقيبتها ثم ركضت خارجة من شقته
نظر سلطان ناحية الباب و هو يشعر بالاحباط
"من الذي يهرب الآن!!"
اما عفراء لم تكن افضل حالاً منه
"لماذا اتيت؟؟ لماذا لماذا؟؟"
كانت نبضات قلبها ما تزال متسارعة و لم تعرف كيف تهديء من نفسها
"انه يحبك يا عفراء يحبك كما قالت لكِ حصة"
ثم انبت نفسها
"ولكن ما فائدة ذلك، لقد اتى هذا الاعتراف متأخراً جداً، انا اسفة يا سلطان فلا مستقبل لنا"
~~~~~~~~~~~~~~~~~~
بعد يومان من هذا اللقاء ذهب سلطان لرؤية عفراء في مقر عملها و هذه كانت المرة الاولى التي يأتي فيها الى هنا
"يليق بكِ مكتب المدير"
رفعت رأسها و نظرت اليه ، يبدو افضل حالاً منذ رأته قبل يومين،
بملابسه الرسمية و لحيته المرتبة
"اسف اتيت من غير ميعاد"
ثم اقترب منها
نهضت و قالت بتوتر ملحوظ
"لا بأس"
ظل صامتاً لفترة و هو ينظر اليها و الى ارتباكها
"لم آتي لاسمع اجابتك فانا اعرف الاجابة و لا داعي ان أسألك بل اتيت لاقول شيئاً واحداً فقط"
"ماذا؟"
قال بتردد
"اذا، اذا كانت الطريقة الوحيدة حتى تسامحيني هي الطلاق"
صمت قليلاً ثم قال و هو يحاول ان يبدو طبيعياً حتى يخفي ألمه و احباطه
"سأفعل ما تريدين، سوف اطلقكِ كما قلتي، بعد ان اجري العملية و اشفى منها باذن الله"
كانت تبضات قلبها سريعة و قوية
'ماذا!! لماذا انتي متفاجئة!! أليس هذا ما كنتي تريدينه! لماذا لستي سعيدة!!!'
كانت تحادث نفسها
حاولت ان تبدو طبيعية
"حسناً"
حاول الابتسام فبانت كربع ابتسامة
"حسناً اراكِ"
ثم استدار و كاد ان يغادر و لكنه توقف عندما نادت عليه فاستدار مجددا و نظر اليها
"نعم"
التفت حول مكتبها و ذهبت حيث يقف
"امممم هل يمكنني ان اطلب منك شيئاً!"
"ماذا؟"
"هل يمكنني ان اكون معك في كل خطوة ، اعني من قبل العملية حتى تشفى؟"
كانت نبرتها فيها رجاء
نقل نظره على ملامح وجهها، انها حقاً تحيره،، اذا كانت تريد الطلاق فلماذا تريد ان تكون معه الآن
"لا اظن انها فكرة جيدة"
شعرت بالاحباط
"نعم كما قلت، انها ليست فكرة جيدة،، لا اعرف اين كان عقلي عندما طلبت منك ذلك"
قالت بحرج
نظر لها لعدة ثواني ثم غادر المكان
~~~~~~~~~~~~~~~~~
في اليوم التالي في حوالي الساعة الثامنة صباحاً عندما كانت ما تزال في فراشها رن هاتفها الذي كان في يدها فنظرت الى الشاشة بغرابة و هي ترى اسم (الحقير) - انتبهت انها لم تغير اسمه في هاتفها- يومض في هاتفها فردت عليه و هي تعدل في جلستها
"نعم"
كان هناك صمت في الطرف الآخر
"سلطان هل هذا انت؟"
"عفراء، اممم ، انا في المشفى هل يمكنكِ المجيء؟"
صمتت قليلا و هي متفاجئة ثم قالت من غير تردد
"حسناً"
انهت المكالمة و استبدلت ملابسها ثم غادرت المنزل و توجهت الى المشفى و سألت عنه فاعطوها رقم غرفته
وصلت امام باب غرفته ثم طرقت الباب و دخلت ،، كانت الغرفة عبارة جناح به غرفة نوم وصالة لاستقبال الزائرين.
دخلت و هي تشعر بالحرج لان جميعهم كانوا موجودين ،، امه ووالده خليفة و اخوته الذين كانوا ينظرون لها في صمت
عندما اقتربت عفراء من سرير سلطان، كان يتحدث مع حصة فلم ينتبه لها الا عندما قالت حصة
"لقد اتت"
ادار سلطان رأسه و نظر اليها و هو يبتسم
"شكراً لانكِ اتيتي"
ثم نظر الى حصة
"هل يمكنكِ تركنا وحدنا؟"
هزت حصة رأسها ثم طلبت من البقية ان يذهبوا الى الصالون التابع للغرفة
"متى عمليتك؟"
سألت بتردد
"غداً صباحاً، اخبروني ان آتي اليوم حتى يقوموا بكل الفحوصات اللازمة قبل العملية"
"هل انت واثق انك تريد ان تجري العملية؟"
مد يده و امسك بيدها
"اني اقوم به فقط من اجلك"
سحبت يدها منه ببطء
"ماذا تعني؟"
"انتي من اقنعني ان اجري العملية"
صمتت مجدداً ثم سألت
"لماذا اتصلت بي؟"
"كنت مخطئاً عندما قلت اني لا اريدكِ ان تكوني معي، رغم انهم جميعاً كانوا حولي و لكني كنت اشعر بالضعف، معكِ فقط اشعر بالقوة لاني استمد قوتي منك يا عفراء"
لم تعرف ماذا تقول ، حقاً فاجأها كلامه
"انا!!!"
"نعم انتي يا عفراء،، انتي امرأة قوية و رحيمة في نفس الوقت فالبرغم من معاملتي السابقة لكِ و لكنك رحمتي حالي و اثبتي انكِ افضل مني عندما سامحتني والشخص الافضل هو من يسامح لاننا نسامح من اجل انفسنا ليس من اجل الاخرين و هذا الدرس تعلمته منك بطريقة قاسية"
ثم ابتسم لها بتعب
جلست على طرف الفراش و نظرت اليه
"سلطان، اريد ان اسالك شيئاً؟"
"ماذا؟"
"هل كنت تعرف من اكون قبل ان تتزوج بي؟؟"
لا يعرف كيف يجيب على هذا السؤال
"لماذا تريدين ان تعرفي؟"
"اريد ان اعرف، لو كانت الظروف مختلفة هل كان سيكون لنا مستقبل معاً"
عض على شفاهه ثم قال وهو ينظر نحو النافذة
"في الحقيقة رأيتكِ مرة قبل ان اعرف من تكونين"
عقدت حاجبيها
"ماذا تعني، انا لا افهم"
ادار رأسه و نظر اليها
"رايتك ذات يوم في مطعم مع احدى صديقاتكِ او ربما كنتي مع عهود، لفت نظري عينيك المليئتان بالشغف و ابتسامتك الجذابة و ضحكتك الجميلة"
اشاحت بنظرها و هي تشعر بالخجل فاردف
"ثم رأيتكِ مجدداً في الفندق، لم اصدق نفسي ، اعتقدت ان القدر قادكِ الي او قادني انا اليك"
صمت مجدداً لعدة ثواني ثم اكمل
"لا تعلمين حجم صدمتي عندما اخبرني جدي ان علي الزواج بكِ، اعتقدت ان القدر اخيراً ابتسم في وجهي"
"لماذا لم تخبرني؟"
ابتسم بحرج
"في الحقيقة لم اعرف كيف اتقرب منكِ و اخبركِ بحقيقة مشاعري فانتي كنتي تصدينني دائماً و تغضبين كلما اقتربت منكِ او تحدثت معك"
عضت على شفاهها و هي تتذكر تلك الايام
"اي فتاة لفعلت نفس الشيء من طريقة معاملتك و اسلوبك"
"نعم ادركت هذا الآن"
ابتسم بحرج
ظلا ينظران الى بعضهما في صمت كما يفعلان دائماً عندما يتوقف لغة اللسان و تبدأ لغة العيون
كسر هذا الصمت دخول اثنان من الممرضين و هما يقولان لهما ان عليهم اخذ سلطان لاجراء بعض الفحوصات
نزل سلطان من السرير ثم جلس في الكرسي المتحرك و قال قبل ان يأخذه الممرض
"ابقي لا تذهبي، مازال لدي الكثير لاقوله لكِ"
ابتسمت له و هي تهز رأسها
ذهبت امه معه بعدما اصرت عليه و عاد خليفة مع التوأمين الى المنزل اما حصة بقيت مع عفراء
"هل تصالحتما؟"
سألت حصة
يبدو انه لم يخبر احداً عن اتفاقنا
"حصة انا اسفة و لكني مازلت على رأيي، انا و سلطان لن نعود لبعضنا، انا هنا فقط لانه طلب مني ذلك"
غمزت لها حصة
"آه حقاً؟؟!"
مرت عدة ساعات قبل ان يعود سلطان الى الغرفة و كان سعيداً عندما وجد عفراء مازالت موجودة
بقيا معاً لعدة ساعات اخرى بعدما غادرت حصة وامه التي لم تتحدث مع عفراء الا قليلاً لان عفراء تعاملت معها برسمية و احترام
"لقد انتهى موعد الزيارة"
هذا ما قاله موظف الأمن بعد برهة
"هل ستبقى لوحدك؟!"
"هل تقلقين علي؟"
شعرت بالحرج فلم تعرف ماذا تقول
"ماجد سيأتي انه ينتظر في الخارج منذ 4 ساعات"
شهقت عفراء
"والله عيب في حقه، لماذا لم تقل لي"
"اذا اخبرتكِ كنتي سترحلين"
نظرت له قليلاً ثم نهضت لترحل لكنه امسك بيدها
"عودي غداً قبل ان ادخل الى غرفة العمليات"
نظرت له وهزت رأسها
"سأفعل"
ثم غادرت و رأت صديقه الذي تراه في المرة الاولى و شعرت بالحرج منه
دخل ماجد حالما غادرت عفراء
"روميو روميو روميو، ماذا افعل بك؟؟!جلست في الخارج انتظر لاربعة ساعات لاني اعتقدت ان امك او احد اخوتك معك، لم يخطر في بالي ان زوجتك من كانت معك!! هل تصالحتما اخيراً"
اسند سلطان رأسه على الوسادة و اغلق عينيه ثم تنهد
"آه يا ماجد،، نار العشق يحرقني"
هز ماجد رأسه في اسى على حال صديقه
"لن اجرب الحب ابداً"
قال ممازحاً